الاثنين، 24 أغسطس 2015

غيِّر تصرُفات أطفالِك بكلماتٍ بسيطة


تُؤثر الطريقة التي يشعُر بها أطفالُنا بشكل كبيرٍ على تصرُفاتهِم .. فعندما يشعرون بالحاجة للتأكُّد من أننا قادرين على التحكُّم بسير الأمور يبدأون  بتجرُبة حدودهم، و عندما يشعرون بالتعب ، المرض أو بتحفيز زائد تبدو تصرفاتهم خارجة عن المقبول و مُزعجة لنا.. نفقِد صبرنا و لا نستطيع رؤية شيءٍ عدا تصرفاتهم السلبيّة.. فنتهِّم و ننتقد و نهاجم.

"لماذا لا تستطيع أن تكون لطيفاً مع أخيك؟"

"أنت تُفقدني أعصابي "

" لماذا تتصرف بهذا السوء طوال الوقت"

"لا أدري لماذا أصطحِبُك معي خارج البيت"


هل تجعل أيٌٌ من هذه العبارات طٍفلك يقف ويُفكِّر ؟

الجواب هو بالتأكيد لا، فما تفعله هو العكس تماماً. فنقدُنا السلبي يُعزز طاقتِهم السلبيّة هذه و يزيد تصرُفاتهِم  سوءاً..أطفالُنا سيعملون دائماً على تحقيق الصورة التي نصفهم بها، و الأهم أن مهاجمتنا لهم تجعلنا و إياهم فريقين مُختلِفين مما سيزيد من الصراع و يٌقلل فُرص تعاونِهم معنا.


لكن عندما لا يُمكِننا تقبُّل تصرفاتهم ماذا نفعل لِنُعيدهم لحالة من الهدوء و التفهُّم؟

ان الطريقة التي نرُّد فيها على أي من تصرُفاتِهِم السلبيَّة و الكلمات التي نستخدمها لها قوة كبيرة في استمرار أو إيقاف مثل هذه التصرفات.فعادة يبدأ التصرُّف لاكتشاف حدود المقبول منه و ليس للإساءة أو التمرُّد لذا فأوَّل ما يُمكنك فِعلُه لإيقاف طِفلِك من تكراره هو افتراض حُسن نيتهِ و عدم قصده الإيذاء و التخريب. 

فمثلاً قام طِفلُك بحركات عشوائية و أوقع كأس حليبه، فصرخت أنت "لماذا فعلت هذا؟ لماذا تُثير الفوضى في المنزل هكذا؟ " سيُترجم دماغ طِفلك ما قُلت ب" أُمي تعتقد أنني فعلت ذلك بهدف التوسيخ ، أُمي تعتقد أنني سيء و أنا لا أُعجِبُها" شُعوره السيء عن نفسه و الغضب من مُهاجمتك سيطغى على الشعور بالندم و الرغبة بالاعتذار و تصحيح خطأه.

على عكس لو قُلت مثلاً " اه ، هل أوقعته بالخطأ؟ لقد وُسِّخ المكان للأسف ، بِسُرعة لِنُحضِر فوطة و نُنظف المكان" هُنا طِفلُك لن يسمع أي لوم أو تذنيب و سيشعُر أنّك إلى صفه. لن يكون لديه أي سبب للمُقاومة . هُنا سيعرِف طِفلُك أنك تُحِبه و تتوقع الأفضل منه ..و سيشعُر بأمان كافٍ ليُفكِّر بالموقف أمامه و يبدأ باصلاحه. و الأهم سيحذر أكثر في المرّات القادمة.

إليكم جدولاً لأمثلة على ردود سلبيّة و أُخرى إيجابية ، تخيّل نفسك طِفلاً و حاول أن تُقارن شعورك اتجاه كل رد منها.


رد سلبيرد إيجابي
لماذا لا تستطيع أن تكون لطيفاً مع غيرك؟أنا أُحب مرافقتك كثيراً عندما تتصرف بُلُطف و رِفق
لماذا لا تستطيع فِعلٍ أي شئ بنفسك؟هل يُمكِنُك المُحاولة ؟ أنا هُنا لِمُساعدتك ان احتجت، ليس هُناك داعي للعجلة
إنك تُثير الفوضى في البيت طوال الوقتآه أُنظر ما حصل هُنا، كيف يُمكِننا إصلاح ذلك؟
يا الهي لا يُمْكِنُني الاعتماد عليك بِشيءأنا أثق بِك و أعرف أنك يُمكنك إنجاز ذلك
لماذا تضرب دائماً، انك عُدوانيأنا أُحب كثيراً استخدامك يدين لطيفتين معي، هذا يجعلني سعيده، هل يُمكننا التدرُّب على التعامل بِلُطفٍ بدلاً من الضرب الآن
لماذا لا تسمعُني أبداًحبيبي ، اُنظر الي لدقيقة لدي أمرٌ مُهِمٌ جِداً أحتاج لاخبارك به
كيف يُمكنك إيذاء أخاك الرضيعالأطفال الرُضّع حساسون و ضعيفون جِداً علينا مُعاملتهم بحذر ، أليس كذلك؟
كفى توقف عن رمي الألعاب الآنهذه اللُعبة قاسية، سيكون من المُحزِن لو كسرت شيئاً أو ضربت أحداً، أليس كذلك؟ هل يُمكنك ايجاد شيئ طري لنرميه؟

في النهاية و مهما اختلف الموقف، تذكر دائماً أن تستخدِم لُغة تجعل طِفلك يشعر بأنكم حُلفاء و في فريق واحد مثل " نحتاج أن " بدلا من " عليك أنت أن " . فأطفالُنا هم أُناس مِثلُنا و عندما نُركز على ايجابياتهِم و نعامِلُهُم بِلُطفٍ و حُب سيتعلمون طريقتنا و يردُّون بنفس اللُّطف و الحُب.. و عِندما نُغيُّر لُغتنا سنتغيّر نحن و هُم.

مع الحُب
لانا أبو حميدان

السبت، 15 أغسطس 2015

كيف توقف طِفلك من الركض بعيداً عنك


ما أن يُتقن أطفالنا المشي و الركض حتى نجد أنفسنا نُلاحِقهم في كُل مكان.. فهم عادة لديهم كم كبير من الطاقة و يُحبون الانطلاق في شتى الاتجاهات، المُشكلة في الأمر أنهم لا يستطيعون في هذا العمر الصغير ادراك الخطر في الابتعاد عنّا و الركض في الشارع أو في الأماكن المُكتظة، فالأمر بالنسبة لهم مُتعة لكنه مُتعِب و مُقلِق بالنسبة لنا ،حتى أننا قد نمتنع عن اصطحابهم لكثير من الأماكن. 

الأمر طبيعي لكُل طِفل في بداية مشيه و لكن علينا هنا ادراك أمرَيْن مهمين :

١- علينا توفير المساحة و الحُريّة الكافيّة لأطفالنا للحركة و استغلال فرص التعلّم دائماً حتى خارج البيت، فإجبارهم على الجلوس أو تقيدهم في عرباتهم طوال الوقت ليس الخيار الأفضل و إن كان الأسهل.

٢- في نفس الوقت من الضروري تعليمُهُم أن هُناك الوقت و المكان المُناسب لتجولِّهِم و أن هُناك أوقاتٌ أُخرى لا يكون فيه الوضع آمناً أو الوقت كافي و عليهم ملازمتنا أو الجلوس في العربة أو المكان الذي نُحدده لهم.

لكن كيف نفعل ذلك بعقلانية و حُب؟


١- تأكد مِن أن تشرح لِطِفلك مهما صغُر عُمره و تُهيأه لِما هو قادِم
تكلَّم مع طِفلِك في كُل الفُرص و اشرح له الخطر في ابتعاده عنك، و أنك تحتاج دائماً لبقاءه على مسافة تُمكّنكما من رؤية بعضكما البعض. 

٢- وفِّر له يوميا فُرصاً للركض و الحركة
من المُهِم جِداً أن تُخصص لِطِفلك وقتاً و مكاناً آمناً يستطيع فيه التجوُّل و الركض بحريّة و سيُفيدُك كثيراً فِعلٍ ذلك قبل خروجك معه لمكان حيث تُريد منه البقاء جالساً مثل قبل الذهاب للتسوق في السوبر ماركت مثلاً. تأكد من أن تُخبره أيضاً بأن هذا المكان آمن و مُناسب اذا أراد الركض وحده.

٣- ضع حداً و كُن حازِماً
قبل نُزولِكم من السيّارة أو عند وصولِكِم للسوق اشرح لِطِفلِك الموقف " نحن الآن في مكان كبير مُكتظ ، و أنا أخشى أن تضيع، أُريد أن أتأكد أنك بأمان " ثُمَّ أعطه خياراً ان كان يُفضٌِل المشي " هل تُحب أن تمشي و تُمسك بدي ( أو تبقى بجانبي) أم تجلس في عربتك؟ " اذا اختار صغيرك المشي معك هذا جيد لكن في اللحظة التي يبدأ فيها بالهرب أو الركض عليك حسم الأمر  " سأضعك الآن في عربتك /سأحملك فأنت لست بأمان عندما تركض بعيداً عني، يُمكننا المُحاولة أكثر في المرّة القادمة".

بالطبع طِفلُك سيعترض و يصرخ لكن لا تدع هذا الأمر يُربِكك،فقط حافظ على هدوءك و لا تُبدي أي انفعالات حتى لا يجد طِفلُك الأمر لُعبة . فبعد عدة مرّات ستجد أن طفلك قد تحسّن في تذكُّر القانون و تقبُّله . 

٤- عوِّد طِفلك على الإمساك بشيء ما غيرك أو غير يدك حتى يبقى بآمان دائماً
اعتاد أطفالي مثلاً على الإمساك بباب السيارة و عدم تركه أبداً عند نزولِهم ريثما أُنزِّل حاجياتهم و أستعد للمشي و قد ساعد هذا الأمر كثيراً في بقائهم بجواري و أنا مُنشغلة دون الحاجة الى القلق عليهم في مواقف السيارات. و أحياناً كان يرفض طفلي إمساك يدي أثناء قطع الشارع فعرضت عليه إمساك طرف عربة أُخته التي أدفعها بجانبه و أصبح يفعل ذلك باستمرار. 

٥- احرص على المُواظبة
ان الاستمرار و المُواظبة على أي أمر هو السر في تعاون الأطفال و التزامهم، فلا تُغيِّر القوانين بتغيُّر المواقف و لا تجعل اعتراضهم أو بكائهم تهديداً لك، فبعد عدة مرات سيتعلم طِفلك الحد و ستكون الأمور أسهل. فمثلاً على أطفالي مسك يدي عند العبور في مواقف السيارات و قطع الشارع دائماً . و أُذكرهم بذلك في كلمة واحدة عند الحاجة" الأيدي" . 

٦- استغل أوقات اللعب
هناك الكثير من الألعاب التي تُدِّرب طِفلك على الاستماع و التوقف كذلك عندما تطلب منه و تُبرمِجه لفعِل ذلك دون أن يشعُر مثلاً:

- لُعبة الإشارة الضؤيًّة: ابدأ بالمشي مع طِفلِك أو تظاهروا بأنكم سيارات و عليكم التوقف عندما تُنادي إشارة حمراء و مواصلة المشي عندما تُنادي إشارة خضراء.

- لُعبة حركة سكون: الحركة و الرقص عند سماع موسيقى و التوقف عند توقفها.

- تدرّب مع طِفلِك على المشي و إمساك الأيدي عندما تكونون في مكان آمن كالحديقة أو حتى في البيت و ذكِّره القيام بما تدربتم عليه عندما تكونون في الخارج.

و أخيراً تذكَّر أن بقاء طِفلِك مقيداً أو عدم الخروج به نهائياً في هذا العُمر الصغير يحرمه من تعلُّم التصرُّف بشكل صحيح و البقاء آمناً في الخارج و سينعكس الأمر عليه كُلما كبر أكثر.. فهذه مرحلة طبيعية من مراحِل تطورِّه و اذا قررنا تعليم أطفالِنا التصرُّف بشكل صحيح و تعاملنا معها بهدوء و دون انفعالات ستمُّر بِسُرعة و سُهولة. 

مع الحُب 
لانا أبو حميدان