نتعرّض كل يوم لتحدّيات تولّدها تصرفات أطفالنا، تثير بعضاً منها أسوأ ما فينا و تفقدنا هدوؤنا و قدرتنا على التحكم بتصرفاتنا، تخيّل مثلاً أنّك أعطيت طفلك كوب حليب ليشربه، و تتفاجأ به ينفجر بالبكاء و الصراخ لأنّه يرغب بلون كوب مختلف قد لا تملكه أنت اساساً. من الطبيعي أن يثير صراخه و بكاءه هذا لديك مشاعر الضيق و رغبة بالتذمر و التأفف و أول ما قد تنطق به هو "توقف عن البكاء و اشرب حليبك فلون الكوب لا يهم ".
هل هذا لأن طفلك مدلّل؟ هل هو صعب الإرضاء ؟ ماذا لو قلت لك بأنّ طفلك ليس مدلّلاً أو أي شيئ من هذا القبيل، طفلك ينقصه فقط مهارة مهمة جداً و هي "التحكم الذاتي" ، و إدراكنا لأهميّتها سيساعدنا على رؤية تصرفاتٍ كهذه كفرصة للتعليم، لكن كيف؟
الوعي هو المفتاح
لنتمكّن من مساعدة أطفالنا على التحكّم الذاتي بتصرفاتهم و التعامل مع جميع مشاعرهم لا بد لنا من فهم تصرفاتنا أوّلاً ، فهمنا للرابط بين الطريقة التي تعامَل فيها أهلنا مع مشاعرنا و طريقة تعاملنا نحن مع أطفالنا مهم جداً، هل كانت مشاعرنا كأطفال مهملة، هل كان مسموح لنا الشعور بالغضب، الخوف، أو الحزن؟ إن ردّاً كالرد أعلاه قد يأنّب طفلك على مشاعره. كيف سيتغير الوضع اذا كنت واعياً كفاية لتستغل اللحظة لتعلّم طفلك شيئا؟
إبقى في "الجزء المفكر" من عقلك
إن أوّل خطوة للتصرف في موقف كهذا هو التوقّف لدقيقة و التنفس بعمق، التنفس يساعدك على تبديد التوتر و يوقفك من التصرف بغير تفكير، إن اختيارك لتهدئة نفسك أوّلاً يعطيك الفرصة للبقاء في "الجزء المفكر" من عقلك و هو الجزء المسؤول عن المهارات والذكاء و حل المشاكل. فكر بتصرفات أطفالك التي تستثيرك.ربما البكاء، الإلحاح، الكسل، عدم الاحترام، عدم الاستماع، عدم تحمّل المسؤولية، التصرّف بسخافة أو غيرها، فتحديدك لمسبّبات غضبك سيساعدك على التحكم بها. في المرة القادمة عندما تلاحظ أنّ تصرفاً بدء بإثارة غضبك ، ابتسم.. تنفّس..و استرخي..و ردّد لنفسك أنّك بأمان و قادر على التعامل مع الموقف.
لتفهم أكثر قارن نفسك بأحد المسعفين في حالة طوارئ، تخيل انك قد تعرضت لحادث فيهرع إليك و هو متوتر فيبدأ بالصراخ و سؤالك ماذا كنت تفكّر؟ لماذا لم تربط حزام الأمان، و يتوقف ليتذكر ماذا عليه أن يفعل ليوقف نزيفك مثلاً ! هل سيساعدك هذا حقّاً! أنت تحتاج لمسعف هادئ ، واثق، يصل إليك و هو مستعد للمساعدة.. و هذا يتطلب الممارسة و كذلك الحال بالنسبة لك.
اوصف، اعط اسماً، و اعترف
الآن و بما انك تحكمت بنفسك، يمكنك مساعدة طفلك. يمكنك استخدام هذا التسلسل البسيط للتعامل مع المواقف المحملة بالمشاعر و الانفعالات:
١-صف انفعالات طفلك
اوصف لطفلك ما تراه أمامك من إظهار لمشاعره ، ككلمات ، حركات و تعابير وجه. مثل أرى انك" قد حركت يدك هكذا" أو "ضربت بقدمك الأرض هكذا" و عندما ينظر إليك طفلك أره وجهاً لطيفاً متفهماً.
٢- سمي المشاعر
أعط اسماءً للمشاعر التي تعتقد أنها تولدت لدى طفلك و تذكر "كل تصرفات أطفالك هي نداء للمساعدة"، يمكنك استخدام واحدة من أربعة مشاعر أساسية و هي (الفرح، الحزن، الغضب و الخوف) كأن تقول له "انت تبدو غاضب ".
٣- اعترف برغبات طفلك
انهي العملية بإظهار تفهمك لرغباته و أمانيه مهما رأيتها غير منطقية، فهذا يعلمه شيئاً و احد عنك و هو انك متفهم. مثل "انت تمنيت ان تشرب بكوب مختلف" ، و هذا بالتأكيد لا يعني تلبية طلبه.
انك بهذا التسلسل تساعد طفلك على الإدراك، على ملاحظة إشارات جسده و تعديل مشاعره بنفسه. أما انت فقد نجحت بضبط نفسك و رؤية الأمور بعيني صغيرك..
مع الحب
لانا أبو حميدان
0 التعليقات:
إرسال تعليق