تناولنا في المقال السابق موضوع تصرف أطفالنا بعدوانيّة عند انفعالهم، و لأن كل عائلة عانت بطريقة أو بأخرى من هذا الأمر، سنعرض في هذ المقال المزيد من الأساليب العملية التي تساعد الأهل على فهم الأمر بشكل أعمق، و تطوير القدرة على التحكم بأنفسهم و مساعدة أطفالهم على ذلك..
لا شئ يُظهِر عدوانيّتنا كأهل أكثر من تصرف أطفالنا بعدوانيّة.. نعم، لا شئ... فأحيانا قد يصفعك ابنك و هو في حالة غضب و ترد عليه بصفعة أيضاً. أو تتّجه لإبنك الذي تعمّد دفع أخيه الصغير و تضربه أنت.. في مثل هذه المواقف من منكما يظهر تحكّماً في تصرّفاته؟ للأسف لا أحد... فعندما تواجه أنت العنف بالعنف فإنّك لا تعلّمه شيئاً إلا أنّ العنف مقبول كأسلوب لحل المشاكل، لذا فالخطوة الأولى لمنع عدوانية أطفالك هي منع نفسك أنت من ذلك.. و هذا الجزء هو الأصعب إذ تربّى كثيرٌ منّا على الضرب و الصراخ لذا فإنّ عقلنا الباطن يدفعنا للتصرّف بنفس الطريقة...إذن و كخطوة أولى نحتاج لأن نكون عقلانيين و أن نوقف العنف من طرفنا أولاً...
من المهم أن ندرك أيضاً أن الطفل الذي يلجأ لإيذاء غيره هو طفل خائف أو متوتّر و بحاجة للمساعدة..و أن عقول أطفالنا و لغتهم لم تتطوّر كفايةً لتمكّنهم من التعبير عن ذلك، حتى أنّه قد لا يدرك الطفل نفسه تلك المشاعر، حتى بالنسبة للأولاد الأكبر عمراً فعادة ما تعكس التصرفات العدوانية الشعور بالذنب أو الخوف أو الخزي.
للأطفال ما دون الخامسة من العمر
- تعامل مع الموضوع ببساطة، أوقف الطفل و أبقه بجانبك، ذكّره بحدوده "لن أتركك تضرب أحداً لأنَّ الضرب مؤلم، سأبقيك هنا حتى تهدأ و يكون الجميع بأمان ".
- من المهم جداً أن توفّر لطفلك الفرصة ليهدأ حتى يتمكّن عقله من الخروج من حالة "المواجهة أو الفرار " و العودة للقدرة على الفهم و الاستيعاب حتى يتعلّم..من الممكن مثلاً ان تقرأوا الكتب ، أو تضع له طاولة و كرسي في زاوية من البيت و تجلس معه فيها ، ضع فيها صحناً من الرز (غير المطبوخ) ليتحسّسه و يلعب به، أو ساعة رملية ليراقبها، فهذا النوع من الأنشطة له دور كبير في تهدئته.. و لا تخف فهو لن يفسر ذلك على أنّه نوع من المكافآه على تصرّفه العدواني، بل هو طريقتك لتعلّمه التحكم بعواطفه..
- حاول في هذا الوقت أن تبدي تعاطفك و تفهمك السبب خلف تصرّفه و تسمع منه فقط..
- حالما يهدأ صغيرك و يعود قادراً على الاستماع من المهم أن تعلّمه درساً لذا ذكّره مرة أخرى بأن الضرب ممنوع و أنه سيكون دائماً هناك عواقب للتصرّف بعنف- ليس تهديداً- و ناقش معه بدائل للضرب.
تذكّر أن طفلك لم يبلغ الخامسة بعد و أن هذا ليس حلّاً سحرياً للمشكلة بل سيحتاج لفترة زمنية حتى يتعلّم حدوده ، و ذكّر نفسك بأنّ إطلاقك عليه صفات كعدوانيّ و عنيف ستزيد الأمر سوءاً فهو يرى نفسه بعينيك و سيتصرف طبقاً لتوقعاتك عنه..
للأطفال بعد سن الخامسة
- ابدأ في هذه المرحلة بتعليم ابنك الذكاء العاطفي و الطرق الإيجابيّة لحل الخلافات ، فقدراته العقلية و فهمه للمواقف الآن أفضل.
- يحتاج طفلك في هذه المرحلة العمريّة أيضاً وقتاً ليهدأ، و بما أنّه لديه القدرة على التحكّم بنفسه بشكل أفضل أعطه استراتيجيات للسيطرة على لحظات الغضب، كأن يتنفّس بعمق، يبتعد عن الموقف أو يطلب مساعدتك..
- عندما يهدأ من المهم أن تناقشه ، ذكّره بحدوده و بالأساليب التي اتفقت معه عليها لتطبيقها (إسأله هو عنها).
- عليك أن تطرح عليه الأسئلة التي تساعده على أن يصل بنفسه لحلول مثل "ماذا ستفعل في المرّة القادمة حينما تغضب من أحدهم؟ " و "أظن ان أخاك الصغير يشعر بالضيق لأنك ضربته ماذا نستطيع أن نفعل لنساعده؟"، إذا لم يأت بأي أفكار اعرِض عليه بعضها "يمكنك أن تضم أخاك و تتأسف أو أن ترسم له رسمةً أيها تظن أنّها ستسعده؟ "
- لا بدّ أن يكون هناك بعض العواقب الطبيعية لتصرفاته - ليس كعقاب- لذا إن غضب و كسر شيئاً مثلاً أعلمه بلطف أنه مسوؤلٌ عن إصلاح خطئه و سيتعيّن عليه شراء غيره من مصروفه الخاص.
تذكّر دائماً أن الحل السريع لمشكلة العنف قد يكون بالعقاب و الحرمان و كذلك الضرب و لكنها مسوؤليتنا كأهل أن نضع حداً لأطفالنا و نعلّمهم تحمل مسوؤلية أخطائهم و إصلاحها..
ملاحظة: إذا استمر العنف بعد سنّ الثامنة لا بد من معرفة السبب وراء ذلك و ماذا يحاول ابنك أن يغطّي بتصرّفه بهذه الطريقة.
مع الحب
لانا أبو حميدان
0 التعليقات:
إرسال تعليق