يُدرِك معظم الآباء و الأمهات أن تناول وجبات صحية منتظمة أمر ضروري للحفاظ على أطفال أصحاء، و يشكّل هذا الأمر واحداً من أولوياتهم عند رعاية أطفالهم..و لكن و لأسباب عديدة نجد أحياناً أن أطفالنا لا يُقدِّرون نوايانا الحسنة و ما نبذله من جهد لتحقيق ذلك.. فيرفضون الأكل ويصبح من الصعب علينا أن لا نشعر بالفشل أو أن نأخذ الأمر بشكل شخصي...و لكن كلما زاد اصرارنا كلما زاد عناد أطفالنا..
قد تواجه مواقف مختلفة مع طفلك كأن يرفض تناول ما كان يحبّه البارحة، يطلب نوعاً واحداً من الطعام لجميع الوجبات، يبصق ما تضعه في فمه، يلعب في طعامه و يقذفه على الأرض أو في الهواء أو يمضي لأيام دون طعام.. أياً كان الحال مع طفلك فجميع هذه الأمور تسبب الخوف و القلق من خسارة الطفل لوزنه بشكل كبير، الضعف و المرض أو حتى الموت..
لكن ما هي أسباب الصراع على طاولة الطعام؟
١- هناك أسباب كثيرة أوَّلها أن الأطفال يتأثرون كثيراً بحالتهم الجسديّة و النفسيّة كما نحن البالغون تماماً، فقد يُفقِدهم المرض - حتى لو كان حالة بسيطة من الرشح- ظهور الأسنان، ألم بسيط في البطن و غيرها شهيتهم لعدّة أيام ..
٢- يمرّ الأطفال بفترات مختلفة عندما يتعلّق الأمر بالطعام، فتتغير أذواقهم بشكل مستمر، و قابليتهم للأكل كذلك، فقد يأكلون بكميّات لفترة ثم يأكلون وجبة واحدة طوال اليوم..
٣- بالنسبة للأطفال هناك أمور كثيرة تشغلهم و هي بالتأكيد أهم من الأكل، كاللعب،الجري و مشاهدة التلفاز..فترك كل هذا و الجلوس فقط للأكل هو مضيعة لوقتهم.
٤-هناك أحيان أخرى عندما لا يشعر طفلك برغبةٍ في أكل نوع معين أو الأكل نهائياً في ذلك اليوم، فتظهر عليك أنت علامات التوتر و الانزعاج، و لأن الأطفال بارعون في في قراءة تعابيرنا سيلمس طفلك التوتر هذا حول وقت الطعام ،،فيبدأ باختبار أمور كصبرك، حريته و استقلاليته و مدى قدرته على التحكم بالموقف أو كمحاولة للمرح و التسلية فقط، ككل الأطفال طفلك سيحاول مقاومتك و اثبات نفسه، ويكرّر تصرفاته هذه في أوقات الطعام المختلفة.
بالرغم من هذه الأسباب فإنّه من الضروري أن يكون وقت الأكل وقتاً للعائلة يستمتع فيه الكبير و الصغير و ليس وقتاً مشحوناً بالتوتر و المشاكل.. و الأهم من هذا هو التركيز على زرع عادات أكل سليمة في أطفالنا ليكبروا عليها..
لذا ماذا بامكانك أن تفعل؟!
١- تكلّم مع طبيب طفلك لتتأكّد أولاً من أنّه لا يعاني من مشاكل صحيّة تُفقِده شهيّته للأكل أو أيّة مشاكل في جهازه الهضمي.
٢- ابقِ توقعاتك منطقيّة، فلا تبذل جهداً و تحضِّر لطفلك وليمة من الأصناف و الأطعمة و تصاب بخيبة أمل إن رفضها.. قدّم له وجبات بسيطة فيها احتياجاته الاساسية من الطعام.
٣- اعرض دائماً على طفلك أصناف و انواع صحيّة و جديدة كالخضروات و الفواكة، حتى لو كان يرفض أكلها، فقد يدفعه فضوله لتجربتها..و احرص ان تكون هذه الخيارات متوفرة امامه في البيت بدلاً من الحلويات و غيرها..
٤- انتبه لردّات فعلك سواءَ كانت ايجابيّة أو سلبيّة، فعلى طفلك أن يدرك أن الأكل علاقة بينه و بين معدته فقط.. فلا تبدي فرحك و حماسك إن أنهى طعامه مثلاً أو حزناً و غضباً إن لم يفعل و تحثّه على الأكل..بل شجّعه على التركيز على ما يشعر و قراءة اشارات جسمه، هل يشعر برغبة في الأكل؟ هل اكتفى و بدأ يشعر بالشبع ؟ حاول جاهداً أن لا تبدي أياً من قلقك أو مخاوفك و لا تبدي أية ردة فعل نهائياً.
٥- امنح طفلك خيارات مختلفة و بكميّات قليلة، اعرض عليه ما يتوفر لديك من أصناف و بكميّة قليلة، قليلة جداً و اجعل المزيد متاح حتى يكون هو من يطلب المزيد و يقرّر متى بدأ يشعر بالشبع.
٦- ضع لطفلك حدوداً عند الأكل، عندما يتوقف طفلك عن الأكل أو يرفضه، يبدأ اللعب في طعامه أو مغادرة مكانه أعلمه بأن وقت الطعام قد انتهى، أخبره بلطف " أرى أنّك بدأت تبصق الطعام لا بد أنّك تحاول اخباري أنّك شبعت، سأعيد صحنك للمطبخ و يمكنك الأكل وقت العشاء" .. يمكنك ان تعرض على طفلك إن شعر بالجوع بعدها وجبة خفيفة كتفاحة مثلاً لكن عليه الانتظار حتى الوجبة القادمة.. هذا ليس عقاباً بل النتيجة الطبيعية لتصرفه..
٧- ابتعد تماماً عن إعطاء طفلك أي نوع من الطعام كمكافأة على تصرّف جيّد أو كمواساة له عندما يحزن أو يغضب.. فالأكل هو حاجة جسدية و ليست نفسية أو معنويّة.
٨- بالرغم من الفوضى التي يسببّها الأطفال فإن وضعهم على كرسي مخصّص للأكل وقت الطعام و منحهم حرية الأكل بمفردهم يشجّعهم و يُنمي كثيراً من مهاراتهم و قدراتهم، نعم ستحتاج لوقت للتنظيف بعدها لكن الأمر يستحق عناء المحاولة.
إذن، يفقد الأطفال شهيّتهم أحياناً للأكل عندما يشعرون بأنّه واجب نفرضه عليهم، لكن لم أسمع عن طفل رفض الأكل حتى مات جوعاً..لذا ثق بطفلك و اتركه يتعلم كيف يثق في جسمه.
مع الحب
لانا أبو حميدان
0 التعليقات:
إرسال تعليق