كيف تُربي طِفلاً ذكياً عاطفياً
في كتابه - كيف تٌربي طفلا ذكياً عاطِفياً- يقول جون غوتمان" في العقد الأخير كشف العِلم أهميّة دور الذكاء العاطفي في حياتنا، حيث وجد الباحثون أنَّ الذكاء العاطفي ( EQ ) - و هو قُدرتك على فهم مشاعِرِك في المواقِف المُختلِفة و التحكُّم بها- له دورٌ أكبر من الذكاء العقلي ( IQ ) في تحديد مدى نجاحِك و سعادتِك في نواحي الحياة المُختلفة"
الطِفل الذكي عاطِفياً هو طِفلٌ قادِر على تمييز المشاعِر المُختلفة التي يعيشُها و التعبير عمّا يشعُر و يحتاج ليُحافظ على هُدوئه و يتحكَّم في تصرُفاتهِ، بالإضافة الى ذلك فهو قادِرٌ على تمييز و تفَهُّم مشاعِر من حوله..بالنسبة لنا كأهل هذا يعني بالتأكيد نوبات غضب و مُقاومة أقل من أطفالنا.
عندما يكون طِفلك ذكيا عاطِفياً فسيكون لديه القُدرة على:
١- التعرّف و التعبير عن شعوره
- أنا سعيدٌ جِداً
- أنا غاضِبٌ بسببك
- أنا أشعُر بالحُزن
٢- فهم أن مشاعِره تنعكس على تصرُفاته
- عندما أكون سعيداً أضحك
- عندما أكون غاضِبا أحياناً أضرِب من أغضبني
- عندما أشعر بالحُزن فأنا أبكي
٣- منع مشاعِرِه من دفعِه للتصرُّف (يحتاج للوقت و التدريب)
- أنا أشعُر بالغضب الآن و قد أضرِب من أغضبني، لكن الضرب غير مقبول، لِذا سأضرِب بقدمي على الأرض و أستخدم كلماتي لأقول ما يُغضبني.
- أنا مُنزعِجٌ الآن و لكنِّي سأُغيِّر مكاني حتى أهدأ و لا أبصق على من أزعجني.
- أنا أشعُر بالتعب لأنني جوعان، يجب أن آكُل شيئاً.
٤- تطوير القُدرة على الاتفاق مع أصدقائه
- أنا أُحب أن ألعب مع أحمد
- أنا أشعُر بالضيق عندما أُجبَر على مُشاركة لُعبتي مع أحمَد، سوف أخبره بأنني لست مُستعِداً لِمٌشاركتها بعد و سأعرِض عليه لُعبة أُخرى
و الآن ماذا يُمكنك أن تفعل ليكون طِفلُك ذكياً عاطفياً
١- تقبَّل جميع المشاعر و احترِامها
تذكّر أن أطفالك هم أناسٌ كاملون و مختلفون عنك، اذا كنت تشعر بالبرد فهذا لا يعني أن على طِفلك ارتداء معطفه، و اذا شعر طِفلُك بالألم عندما وقع، أنت لم تشعر به عندما قُلت له" لا بأس لم يحصل لك شيء أنت بطل"
لِذا تجنّب أن تُملي على طِفلِك ما يشعُره
مثلاً: اذا كان طِفلُك يشعُر بالخوف ليلاً.. فإن شُعوره صحيحٌ و منطقيٌ تماماً بالنسبة له.. لذا تقبَّل شعوره بأن تقول مثلاً " أنت تشعرُ بالخوف الآن؟" و تذكَّر أنه لن يُفيد طِفلَك أن تقول "لا تخف، ليس هُناك ما يُخيفُ" ، فنحن عندما نُملي على أطفالِنا مشاعِر مُختلِفة عما يشعرون، نُربِكهُم و ندعوهم بطريقةٍ غير مُباشرة لعدم الثقة في مشاعِرهِم و أنفُسِهم.
كذلِك لا تخشى المشاعر السلبيّة و تحاول منعها، فإدراك طِفلِك لها هو ما سيُساعده على التخلّص منها، " من الصعب أن ترى أخاك الصغير يأخذ من وقتي ، هذا الشعور هو الغيرة و جميعنا نمر به"
٢- تكلَّم دائماً عن المشاعِر
اسأل طِفلك باستمرار عن ما يشعُره اتجاه ما يحصُل معه و شارِكه المشاعِر المُختلفة التي تمُّر أنت بها خلال اليوم..و ضع اسماً لِكُل شُعورٌ يمُر به طِفلُك، " أنت لا تعرِف ماذا تختار، هذا الشُعور يُعرَف بالحيرة"
دَع طِفلك يرى بوضوح العلاقة بين شعوره و تصرفاته، " أنا أرى أنك غاضِب و قد بدأت برمي الأشياء"
شجِّع طفلك أيضاً على مُلاحظة مشاعر غيره من الأطفال و الناس و الفت نظره لها دائماً. " أنظر كم أصبحت أُختُك الصغيرة سعيدة عندما شاركتها لُعبتك"
تذَكَّر أنه كُلما زادت قُدرة طِفلِك على مُلاحظة مشاعِرِه و التكلُّم عنا ، قلّت التصرُفات السلبيَّة المُرتبطة بها، فان استطاع طِفلُك أن يُخبِرك بأنه غاضِب لن يحتاج لأن يُظهِر لك ذلك على شكل نوبةٍ من البُكاء و الصراخ و الانهيار.
٣- اقرأ الكُتُب و القصص
هُناك قصص كثيرة جذابة للأطفال تتناول موضوع المشاعر المُختلفة و طريقة التعامُل معها.
يُمْكِنُكم قراءة قصّة سلاح أبي السرّي هنا
٤- اللعب
إن اللعِب طريقة رائعة و طبيعية جِداً للتعلُّم عن المشاعر و التحكُّم بها، يُمكِنُك اللعِب مع طِفلك باستخدام ألعابِه المحشوَُة و الدُمى لتمثيل مواقِف من حياة طِفلِك تظهر فيه مشاعِر مُختلِفة و كيفية التحكُّم بها بطريقة ايجابيّة
٥- تربيّة ايجابيّة
علِّم نفسك عن طُرق بديلة للتربيّة بعقلانيّة و ايجابيّة، فالصراخ و الضرب ، تجريح طِفلِك بالكلام و انتقاده جميعها أمثلة على عدم مقدِرتك على التحكُّم في ضيقك و غضبِك كما أنّها لا تُعلِّم طِفلك كيفية الانتباه لِشعوره و التعبير عنه بطريقة فعّالة.
عندما تِجِدُ نفسك قد فقدت صبرك حول طِفلِك مثلاً، جرِّب أن تلفت انتباهه لِشعورِك " أنا أشعُر بالضيق الآن و سوف أحتاج لعشرة دقائق وحدي لكي أستعيد هدوؤي فأنا لا أُريد أن أفقِد أعصابي و أُكلِمك بطريقةٍ سيئة"
٦- تعاطف مع طِفلِك و ادعمه في الأوقات الصعبة
عندما تطفو مشاعِر طِفلُك عل السطح فهذا هو الوقت الأمثل لِمواجهتها، لذا كُن موجوداً لِطِفلِك في مثل هذه الأوقات لتدعمه و ُساعِده في مشاعِرِه، فمثلاً ان انهار طِفلُك و بدأ بالبكاء و الصُراخ و انتم في الخارج، قد يدفعُك موقِفُك لاسكاته بأي طريقة و منعه من البُكاء، لكن التصرُّف السليم هنا هو تركه للتعامل مع ما تراكم في داخِله من مشاعِر، كن موجوداًً بجانبه، ضُمّه و طمأنه بأنّ كل شيءٍ سيكون على ما يِرام ، غضبه، حُزنه أو ضيقه لن يجعل منه انساناً سيئاً و لن يغير حُبك له.
مع الحُب
لانا أبو حميدان