مُتطلبات البيت و العائلة اليومية، العمل ، الحياة الاجتماعية و حياتُنا المُتسارعة و ما تحْمِله من ضغوطات بالإضافة لِتربية أطفالِنا و المسؤوليّة العظيمة التي تُرافقها كفيلة بِترك أكثرنا صبراً دون أي قُدرة على التحمُّل، قد لا يكون هذا الأمر ذو أهميّة كبيرة إلّا عندما نجِد أنفُسنا فاقِدين للسيطرة على تصرفاتِنا و ردّات فِعلِنا حول أطفالِنا...
تصرُفات الأطفال مُستفِزّة غالِباٍ و تحتاج لاستراتيجيات و طُرُقٍ مُختلِفة لتوجيهها بطريقة صحيّة و سليمة.. و هذا يعني أنكِ تحتاجين للصبر.. أن تكوني قادِرة على سماع أسباب طِفلِك مهما بدَت غير مُقنِعة، التعاطُف معه و رؤية الأمور بعينيه يعني أنك تحتاجين للصبر، أن تُدرِكي أنّ تصرُفات طِفلِك السلبيّة لن تتغير في يوم و ليلة و أنّكِ تحتاجين لتذكيره أحياناً مِئة مرّة حتى يتأكد من أنّكِ ثابِتة على موقِفِك يعني أنك تحتاجين للصبر..
قد تَصرُخين عِدّة مرّاتٍ ب "هذا يكفي" أو " لِماذا لا يُمكِنُك تنفيذُ ما أقول دون جِدال" و غيرِها لأنّ صَبرَكِ قد نَفذ.. لكن هذا لن يحُل الأمر ليس بالنسبة لكِ و بالتأكيد ليس لِأطفالِك..
أظهرَت دراسة حديثة لِكُليّة الطِب في جامِعة واشنطن أن الأطفال الذين يعيشون مع أهل مُتفهمين ، داعِمين و صبورين ، يتميزون بنمو عقلي أفضل ( حجم الدماغ الفِعلي)، عِندما تكون قُدرتُنا على الصبر على أطفالِنا أكبر، سنصبح نحن و هُم أسعَد ، ستبدأ تصرفاتُهُم بالتغيُّر مع الوَقت، و سيتعلمون الصبر.
إليك ٦ طُرُقٍ أساسية للبِدء:
١- لا يُمكنك الاعتناء بغيرك إن لم تعتني بنفسك
هل تُعانين من نوبات غضب أطفالِك و سوء طِباعِهم عند شُعورهم بالنعس؟ و كذلك الحال بالنسبة لنا نحن البالغِين، فالنوم الكافي (٧-٨) ساعات ضروري جِداً لصِحتك الجسديّة و النفسيّة ، أحياناً لا نحظى بنوم كافٍ لأسبابٍ غير ضرورية، كمشاهدة التلفاز مثلاً و بهدف الاسترخاء لكن الاسترخاء لا يُعوِّض حاجاتنا للنوم ..السهر لساعات طويلة يقلِل من طاقتِنا، صبرِنا و مُتعة اليوم التالي..
بالإضافة للنوم أنت بحاجة لوجبات غذائية مُنتظمة، شُرب كمياّت من الماء، الحركة كالمشي أو الرياضة، أو التحدث مع صديقة.. فأنت بحاجة لِكُل هذا لِتكوني قادرة على تعديل مشاعِرك و التحكُّم بها طوال اليوم...
٢- واجهي قِلّة صبرِك
أحياناً لا تكون مُتطلبات أطفالِنا أو تصرفاتهم وحدها ما يُفقِدنا هدوؤنا، قد تكون خلافات بينك و بين زوجِك أو مشاكل عائليّة قديمة تركت آثاراً في نفسِك، شُعورٌ دائم بأنك مظلومة وأمور أُخرى تُقلقك ، تقبع في عقلِك الباطِن و تترُكك بلا صبر.. من الأسباب الأُخرى المهمّة و التي نعاني منها كثيراً عدم مقدرتنا على التركيز على أطفالِنا فقط.. فعندما نتعامل معهم نتعامل أيضاً مع هواتِفنا، أعمال البيت أو ما تبقى علينا من عمل لم يُنجَز في وقت العمل.. التركيز على شيء واحد في وقت واحد يصنع فرقاً كبيراً.. مهما كان السبب فإدراكك له و حده كفيل بإيقافك مرّة بعد مرّة..
٣- تأكدي من أن تجِدي الأسباب
بعد أن تُدرِكي الأسباب الشخصيّة التي تُقلل من صبرِك، جِدي الأسباب خلف تصرُفات أطفالِك التي تُفقِدُك الصبر، فأحياناً نعلُق في صِراعات قوة مع أطفالنا و لا نُدرك الحاجة خلف تصرفاتهم، قد تكون حاجة للقليل من الاستقلالية، المُساعدة و التشجيع، أو الاهتمام.. أحياناً قد يكون الجوع، التعب، المرض أو الملل سبب التصرفات المُزعِجة و أحياناً قد تحتاجين أنت للتخطيط و التنظيم ٍ أكثر، مثلاً إن كُنت تعانين في الصباح قبل الخروج للمدرسة و العمل، استيقظي قبل أطفالِك ب ١٥ دقيقة لتستعدي، و حضّري جميع الأغراض و الملابس في الليلة السابقة..
٤- أعيدي نظرتك لأطفالِك
ذكّري نفسك دائِماً بأن أطفالِك هُم مجرد أطفال، و تصرفاتُهُم هي تصرفات أطفال، لا يقصدون مضايقتك أو إغضابك، على العكس فهُم يُخيفُهم جِداً عدم مقدِرتك على التحكٌّم في المواقف بهدوء، و يُفقِدهُم الشعور بالآمان ثُمَّ يدفعهم لاختبارك أكثر.. إقرأي يومياً مقالة تربويّة أو صفحة من كتاب عن التربيّة لن يحتاج الأمر لأكثر من دقائق، لكنّ التذكير اليومي سيجعلُك أكثر صبراً و تفهُماً.
٥- تمهلّي و اخطَ خطوات أطفالِك
نسعى نحن البالغون و خصوصاً الأُمهات لإنجاز مهامِنا و مسؤولياتٍنا وِفقاً لِجداوِلنا و أوقاتنا، لكنّ هذه الجداول و الأوقات لا تعني شيئاً لِأطفالنا.. ففُضولهُم كبير و حاجتهم للتعلُّم و حب الاستكشاف غير محدودة .. قد يتوقف طِفلُكِ لِمراقبة نملة في الطريق بينما تُحاولين أنتِ الوصول الى البيت بأسرع وقت..تطلُبين منه التحرّك عدة مرّات لكنّه لن يتحرّك.. نصيحتي لك بأن تستغلّي هذه الفُرصة لتُراقبي جمال هذا العالم من حولِك بتفاصيله الصغيرة التي لم نعُد نراها.. توقفي و امنحي نفسك ٥ دقائق شارِكي فيها طِفلك اهتمامه، لا تقفي فقط و تنتظري.. بل شاركيه اهتمامه..أو أخرجي من البيت قبل الوقت المُحدد لِتُعطيه وقته، فخمسة دقائق لن تُغيِّر كثيرا على برنامجك لكنّها ستعني الكثير لِطِفلك.. و قد تتفاجئين في سُرعة استجابة طِفلك عندما تُقررين التحرُّك..
٦- أُطلبي المُساعدة عند الحاجة
عندما تجِدين نفسك في موقِفٍ صعب و أصبحت مسؤولياتُك تفوق قُدرتك، لا بأس في أن تطلُبي المُساعدة ، من زوجك ، من عائلتك أو من شخصٍ مُختص.. كالمُساعدة في أعمال البيت، الاهتمام بالأطفال أو حتى مُرشِدٌ مُختصٌ في التربية .. قد يكون هذا سبباً في تغيير حياتك
مع الحُب
لانا أبو حميدان
0 التعليقات:
إرسال تعليق